إنضم إلينا

التحرش عبر "التواصل الاجتماعي" .. عشق وهمي وابتزاز جنسي


مع انتشار وسائل التواصل الإلكترونية، لم تعد احتمالية تعرض الشخص للتحرش الجنسي مقتصرة على مقابلة مباشرة في الشارع العام بين المتحرش والضحية الممارس في حقها الفعل، بل أصبح بإمكانه الوصول إلى ضحيته بطريقة سهلة جدا وبضغطة واحدة في أي مكان وزمان.
ويعاني الكثير من مستخدمي شبكات مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الموصولة بشبكة الإنترنيت من تلقيهم رسائل وصورا ومقاطع "فيديو" تضم عبارات جنسية خليعة قد تتطور في الكثير من الأحيان إلى التهديد والابتزاز، في حالة أخذ صور أو تسجيل "فيديو" للضحية والتهديد بنشره على مواقع ذات طابع جنسي.
من فراغ عاطفي إلى التحرش الجنسي
وتعتقد الكثير من الفتيات أنهن سيقعن في الحب عن طريق الإنترنيت، وسيجدن الرجل المثالي عبر الشبكات التي أصبحت تعتمد على المحادثة المباشرة، إلا أن أحلامهن تتبخر حالما يفتحن ذلك الباب الذي يحمل في طياته الكثير من الغموض.
واقعة ليست بالغريبة في زمن انتشر فيه التعارف وتكوين علاقات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تعرف المستحيل أو بعد المسافة أو الحدود الفاصلة بين دول العالم. تحكي "نسرين.ص"، من الدار البيضاء، البالغة من العمر 30 سنة، في اتصال بهسبريس، عن واقعة تعرضها مرارا لتحرش جنسي ماكر في ليلة من ليالي سهرها وأرقها الطويل.
"بينما كنت أتصفح الشبكة الزرقاء وأتحدث مع أصدقائي وصلتني طلب صداقة جديد من شخص مجهول، وبدون تردد قبلت صداقته لأنني كنت أعاني من فراغ عاطفي.. بدأنا نتعارف بشكل عاد لتتطور المحادثة وتصل إلى عدة طلبات، من بينها إرسال الصور ومقاطع "فيديو" خاصة بي، لكنني رفضت طلبه في البداية".
وتلفت المتحدثة إلى أنها كانت بصدد الحديث مع شخص أجنبي من إحدى الدول العربية، وتستطرد: "مرت الدقائق بسرعة كبيرة وقضيت على الملل والوحدة بمشاركته ما يخالج صدري وعقلي من أفكار، وطلب مني فتح كاميرا هاتفي الخلوي بهدف التعرف علي عن قرب وبدون تفكير قبلت طلبه، إلا أنني فوجئت بمشهد مقزز، يظهر فيه وهو متجرد من ملابسه".
وتزيد المتصلة: "ذلك الموقف المحرج الذي وضعت نفسي فيه دفعني إلى اتخاذ قرار الامتناع عن محادثة الغرباء والأشخاص الذين لا تجمعني بهم قرابة أو علاقة مباشرة، وصرت أكثر حذرا من السابق".
من عشق كاذب إلى جريمة ابتزاز
ولا يقتصر فعل التحرش على الجنس اللطيف، بل يشمل الذكور أيضا، إذ يحكي "سعد. ت"، البالغ 34 سنة من عمره، في اتصال بهسبريس، عن قصته المرعبة مع التحرش الجنسي التي عاشها قبل سنتين، والتي كادت أن تقضي على حياته المهنية والخاصة، قائلا: "ذات ليلة، وبينما كنت أرتاد صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تلقيت رسالة من فتاة طالبة التعارف فوافقت".
ويضيف المتحدث: "طلبت صوري فأرسلتها لها وأرسلت لي بالمقابل صورها، وبدأنا نتبادل أطراف الحديث ليتطور التعارف، وبعد عدة دقائق طلبت مني فتح كاميرا جهازي وطلبت مني عدم رفع صوتي بحجة أنها لن تتمكن من الحديث فقبلت بشرطها".
"ظهرت أمامي مجردة من ثيابها وبدأت تقوم بحركات جنسية مثيرة، وطلبت مني مبادلتها الشيء نفسه.. للأسف وبدون تفكير وافقت على طلبها، وتخليت عن ملابسي..لأفاجأ بعد مرور ساعة من الزمن على انتهاء محادثتنا برجل يكلمني عبر الهاتف ويطلب مني مبلغا خياليا مقابل مقطع فيديو بحوزته يضم مشاهد جنسية خاصة بي، ويؤكد أنه صاحب الحساب الوهمي"، يقول المتصل.
وأدرك المتحدث أن ما عاشه عبارة عن لحظة كاذبة وتهديد صريح لحياته الخاصة؛ وزاد: "أدركت أنني كنت ضحية نصب وأصبحت موضوع ابتزاز. وبعد امتناعي عن الامتثال لطلب المبتز قال إنه سيرسل ذلك المقطع لجميع أصدقائي الموجودين في لائحة صفحتي، كما سيقوم بنشره بأحد المواقع الجنسية".
بعد سلسلة من التهديدات المتكررة خضع الضحية لطلبات الجاني، وأرسل له الدفعة الأولى مقابل مسح المقطع المذكور، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد كما كان يظن؛ وقال موضحا: "المبلغ المالي الذي حصل عليه في الدفعة الأولى شجعه ليقوم بسلسلة تهديد ثانية، وأمرني بدفع ضعف المبلغ الأول فوافقت بدون تردد لكن هذه المرة استعنت بالشرطة وأدليت بجميع التفاصيل وزودتها بالمعلومات الكافية".
واتبع الضحية إرشادات الشرطة وقام بإرسال مبلغ مالي لتكشف التحقيقات هوية الجاني من خلال بيانات المصلحة التي استلم منها المال، ليتم اعتقاله ومتابعته بتهمة الابتزاز، وليدخل بعدها الضحية في حالة اكتئاب وفقدان للثقة في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي.
من تحرش جنسي إلى مرض نفسي
ويشمل التحرش الجنسي مواضيع سياسية وطائفية وتصفية حسابات شخصية، وقد تضم أشكاله ملاحقة الآخرين أو التشهير بهم، كما قد يعاني من يتعرض لهذا الفعل الذي يصفه الأخصائيون بـ"الجرمي" عِوَض "المرضي"، من الاكتئاب أو عدم الشعور بالأمان والراحة النفسية.
وفِي سياق متصل يعرف مصطفى الشكدالي، أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي، التحرش الجنسي بأنه: "فعل جرمي أكثر من مرضي، وجريمة تنتج عن سبق إصرار وليست نتيجة مرض، والحكم على صاحبها بالمريض يجانب الصواب، لأنه لم يخضع لأي تشخيص، وبالتالي فهو عبارة عن ابتزاز واستغلال لضعف الطرف الآخر".
"ويشكل الفتيان والشابات الشريحة الأكثر عرضة لهذا النوع من التحرش الجنسي بسبب قلة خبرتهم وصغر سنهم، ما يجعلهم أكثر تهديدا لكونهم أقل خبرة، ويتجاهلون حجم الخطر المحدق بهم في تلك المواقع التي يرتادوها عن جهل"، يضيف المصدر ذاته.
ويختلف التحرش الجنسي بمواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنيت عنه بالشارع العام، وفي هذا الصدد يوضح البروفيسور في الاتصال ذاته بهسبريس: "يمكننا القول إن التحرش في الشارع العام فيه نوع من العدوانية الممزوجة بالغزل، لكنه يحمل كثيرا من السلطة ومحركه الأساسي هو الجنس، وغطاؤه هو الربح المادي".
وتعاني الكثير من الحالات التي وقع في حقها فعل التحرش من أمراض نفسية، كما تصاب بخيبات أمل جراء تعرضها للتهديد بالتشهير والضغط؛ وعن هذا يقول الأخصائي ذاته: "أصادف عددا كبيرا من الحالات التي تصاب باكتئاب حاد عقب تعرضها لأنواع كثيرة من التحرش الجنسي بجميع أشكاله، وللأسف عدد منها تنهي حياتها بسبب ابتزاز غادر أو لحظات موثقة بالفيديو أو الصور".
ويختم المتدخل قائلا: "في ظل اختباء المتحرش الجنسي وراء شاشة يستطيع من خلالها قول أي كلام، سواء كان صادقا أو كاذبا، مثل الأعمار المتقاربة أو الأسماء المزيفة؛ ثم يتطور طلب المحادثة إلى الصوت والصورة..وغالبا ما تنتهي بكارثة أو مأساة حقيقية مثل كثير من الروايات التي سمعنا عنها عبر المواقع ذاتها التي بدأت بها".
شاركه على جوجل بلس

عن Unknown

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق