خلص تقرير قدمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الخميس بالرباط، إلى أن محاكمة الأشخاص المتابعين على خلفية الأحداث المأساوية التي وقعت خلال تفكيك مخيم إكديم إيزيك، تمت وفق معايير المحاكمة العادلة؛ وذلك بعد فحص وتحليل مجريات أطوار المحاكمة التي استغرقت 31 جلسة أمام غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بملحقة سلا، ما بين 26 دجنبر و19 يوليوز الماضيين.
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد انتدب لمتابعة المحاكمة فريقا مكونا من سبعة من أطره، وعهد إليه بتتبع المحاكمة بعد النقض التي جرت أمام محكمة الاستئناف بالرباط، بغاية تقييم مدى استجابتها للمعايير الدولية والمقتضيات الوطنية للمحاكمة العادلة.
وكشف التقرير الذي قدمه فريق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال ندوة صحافية، أن المحاكمة جاءت مراعية لمعايير المحاكمة العادلة التي ينص عليها الدستور المغربي والمادة الرابع عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
وأورد التقرير أن المحاكمة تميزت بتهيئة الشروط القانونية والموضوعية للعلنية والشفافية، وبتوفير كل الوسائل التي تمكن الجميع من متابعة المحاكمة. وتميزت أيضا بالتصريحات التي يدلي بها الوكيل العام للملك عقب كل جلسة المتضمنة لأهم مجرياتها والقرارات المتخذة خلالها، الشيء الذي مكن الرأي العام من متابعة المحاكمة والاطلاع على تطوراتها.
وأشار ملاحظو المجلس الوطني إلى أن المحاكمة حظيت بمتابعة واسعة وملاحظة نوعية وتغطية شاملة ومتعددة الزوايا من لدن ملاحظين دوليين ذوي مهنية، ومن لدن إعلاميات وإعلاميين ووسائل إعلام مكتوبة ومرئية وإلكترونية، "مما يعد مؤشرا قويا على الاهتمام الوطني والدولي الذي يولى للقضية وللعدالة ببلدنا".
وأورد التقرير أن المحكمة عملت على توفير وسائل مناسبة لراحة الحضور والمعنيين والمتابعين لتمكينهم من متابعة المحاكمة في ظروف جيدة ودون عناء، خصوصا على مستوى توفير الترجمة الفورية إلى عدة لغات، والاهتمام بجودة الصوت والصورة، ورفع الجلسات من حين إلى آخر قصد الاستراحة أو تناول الوجبات أو تلطيف الأجواء وتهدئة النفوس كلما طرأ ما يستدعي ذلك.
وأضاف التقرير أن المحكمة وفرت أيضا فضاءات خاصة بالشهود تأخذ بعين الاعتبار مستلزمات الفصل بين شهود النفي وشهود الإثبات، وتؤمن عدم متابعتهم لمجريات الجلسة، وتوفر للجميع الحماية المناسبة.
وفي الصدد ذاته، أوضح أطر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المحاكمة "احترمت إجراءات الدعوى الجنائية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية احتراما كاملا يتجسد في استجابة المحكمة لغالبية طلبات الأطراف"، وأبرزها طلبات استدعاء شهود النفي وشهود الإثبات، والطلبات الهادفة إلى استدعاء الخبراء الذين أنجزوا الخبرة الطبية على المتهمين للتثبت من صحة ادعاءات التعذيب، وطلبات استدعاء محرري محاضر الضابطة القضائية.
وأظهر التقرير مدى حيادية رئيس هيئة الحكم؛ وذلك من خلال تخصيص حيز زمني متكافئ ومتناسب للمناقشة وللأطراف، حيث توزع مجمل الغلاف الزمني للمحاكمة على النحو التالي: 32 في المائة لدفاع المتهمين، و35,25 في المائة للمتهمين، و10.11 % لدفاع الطرف المدني، و10 في المائة للنيابة العامة، و17.26 في المائة لشهود الإثبات والنفي، و3,10 % لعرض وسائل الإثبات دون الشهود، و1.25 % للخبراء.
من جهة ثانية، أكد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جوابا على أسئلة الصحافيين حول بعض الاستفزازات التي قام بها ملاحظون دوليون خلال الجلسات، أن فريقه المعتمد حرص على الوقوف على توفر معايير المحاكمة العادلة بعيدا عن المحيط السياسي وقضية الصحراء، ولفت إلى أن المغرب يضمن حقوقا دستورية كيف ما كانت أفكار المتهمين واستراتيجية الدفاع وطنيا أو دوليا.
وبخصوص الأحكام الصادرة في قضية إكديم إزيك، سجل تقرير "CNDH" أن القرار الصادر أنجز ووضع رهن إشارة الأطراف خلال فترة زمنية معقولة بعد تاريخ النطق به، كما أن المحكمة حرصت على تضمين القرار جميع وقائع الجلسات ومختلف الدفوع والوسائل المثارة من لدن الأطراف والجواب عليها.
وأضافت خلاصات "مجلس اليزمي" أن المحكمة عملت على إعادة التكييف بالنسبة لبعض الأفعال وبعض المتهمين، وتفريد العقوبات بالنسبة للمتهمين، وعلى هذا النحو تم إقرار العقوبة نفسها المحكوم بها سابقا من لدن المحكمة العسكرية بالنسبة لسبعة عشر متهما، ولم يتم رفع العقوبة بالنسبة لأي متهم من المتهمين، بالإضافة إلى أنه تم خفض العقوبة بالنسبة لستة متهمين.
وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بملحقتها بسلا قد قضت، في يوليوز الماضي، بأحكام مجموعها 290 سنة سجنا نافذا والسجن المؤبد في حق المتهمين في أحداث تفكيك مخيم اكديم ازيك، كما قررت عدم مؤاخذة بعض المتهمين من أجل جناية "المشاركة في تكوين عصابة إجرامية" وبرأتهم منها، وأدانتهم من أجل باقي التهم، مع إعادة تكييف الأفعال موضوع المتابعة في حق البعض الآخر ومؤاخذتهم من أجل "العنف في حق أفراد القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم التي نتج عنها جرح".
يذكر أن أحداث "إكديم إزيك"، التي وقعت في شهري أكتوبر ونونبر 2010، خلفت 11 قتيلا في صفوف قوات الأمن، من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحا من بين أفراد هذه القوات، وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق