إنضم إلينا

اعتراف أمريكي بوجود مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان بالمغرب


يبدو أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أقنع الخارجية الأمريكية بأن هناك شيئا اسمه مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، تخضع لمبادئ دولية تسمى مبادئ باريس، يمنح وفقا لمعاييرها التحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الاعتماد للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (التي يتجاوز عددها حاليا 120 مؤسسة عبر العالم).
هذا ما أكده تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان الصادر نهاية الأسبوع الماضي، (في الجزء الخاص بالمغرب)، إذ جاء في تعريفه للمؤسسة أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية تشتغل باستقلالية عن الحكومة المنتخبة. ويشتغل المجلس بشكل يتوافق مع مبادئ باريس، وذلك وفقا للتحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI) الذي منح المجلس درجة الاعتماد "أ" منذ 2015 وفقا للإطار المعتمد على صعيد منظمة الأمم المتحدة".
وإن كانت وزارة الخارجية الأمريكية دائما ما تعتمد على تقارير المجلس وعمله لتغذية مضامين تقريرها حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، إلا أنه كان لافتا تعريفها للمجلس كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، مستقلة وفقا لمبادئ باريس ابتداء من السنة الماضية (تقرير 2016)، إذ كان التقرير السنوي قبل ذلك يصر دائما على أن المجلس "مؤسسة محدثة من لدن الحكومة" ويربط الإشارة إليه بتلقي التمويل من الحكومة (The government-sponsored CNDH)، دون الاكتراث بطبيعة المؤسسة كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وضوابط عملها واستقلاليتها عن الحكومة (وفقا لمبادئ باريس)، وإن كانت جميع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تتلقى التمويل من الحكومة بطبيعتها.
لكن يبدو أن هذا الموقف الإيجابي تجاه عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ترسخ في قاموس محرري التقرير الذين اقتنعوا أخيرا بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تخضع لضوابط دولية ونظام اعتماد تعمل به منظمة الأمم المتحدة وتعتمده للتفاعل مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. الأمر أيضا ينطبق على منظمة هيومن رايتس ووتش، التي كانت قد أشارت، في سياق آخر، إلى أن المجلس "هيئة مستقلة"، في بلاغ صادر عن المنظمة في شتنبر 2017.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقرير الخارجية الأمريكية لسنة 2017
رصد تقرير الخارجية الأمريكية تدخلات المجلس في 19 مناسبة على أكثر من صعيد، خاصة تتبع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وتجاوبه بهذا الشأن مع مجموعة العمل المعنية بالاختفاء القسري، وإحداث المعهد الوطني للتكوين في مجال حقوق الإنسان، والوقاية من التعذيب (حيث أشار التقرير إلى اللقاء الإقليمي للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال إفريقيا، الذي احتضنه المجلس شهر شتنبر 2017 وإلى المقتضيات القانونية والدستورية التي تجرم التعذيب بالمغرب).
وفي إطار متصل، أشار التقرير أيضا إلى احتضان المجلس لاختصاصات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وإلى تقرير الخبرة الطبية التي كان قد أحالها على وزارة العدل، وإلى معالجة المؤسسة لـ22 شكاية بشأن التعذيب وجهت ضد رجال الأمن أو أطر سجنية (32% أقل من السنة الماضية وفقا للتقرير، بعد تسجيل انخفاض بنسبة 56% مقارنة مع 2015)، جرى على إثر التحقيق بشأنها إعفاء مديري مؤسستين سجنيتين من مسؤولياتهما، واتخاذ إجراءات تأديبية إدارية في حق أطر سجنية أخرى.
التقرير وقف أيضا على عمل المجلس في الفقرات التي خصصها لوضعية السجون، إذ أشار إلى دراسة للمجلس في سنة 2016 بشأن وضعية السجينات، ومعالجته لشكايات وطلبات من السجناء وأسرهم، والتحري بشأنها، ورصده لحقوق الإنسان بالسجون من خلال الزيارات المنتظمة التي قام بها (250 زيارة). وفي هذا السياق، اعتبر التقرير أن المجلس (ومديرية السجون) "يلعب فعليا دور الأمبودسمان"، كما اعتبر أنه "يستمر في عمله كقناة يعبر من خلالها المواطنون عن شكاياتهم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان".
المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجزء الخاص بالأقاليم الجنوبية
يشير التقرير المنفصل للخارجية الأمريكية عن وضعية حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية إلى عمل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون السمارة في مجال الرصد والتحري وتتبع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ويشير إلى تحري اللجنتين الجهويتين لحقوق الإنسان العيون السمارة وطانطان كلميم بشأن سبع شكايات ترتبط بادعاءات تعذيب، لكنهما توصلتا إلى أن هذه المزاعم غير قائمة على أساس أو مدعومة بأدلة.
هذا وأشار التقرير في 12 مناسبة إلى عمل المجلس ولجانه الجهوية بالمنطقة، وذلك من خلال زيارة السجون (31 زيارة)، وتكوين الأطر السجنية، وتلقي شكايات بشأن الاعتراف بالجمعيات (تقدمت بها 10 جمعيات)، والتحري بشأن ادعاءات بالفساد في قضية وفاة ربان صيد أضرم النار في نفسه (في انتظار الإعلان عن نتائج التحريات).
التقرير يشير أيضا إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يواصل، من خلال لجنتيه الجهويتين بالداخلة والعيون، الاضطلاع بعمله من خلال رصد المظاهرات، وزيارة السجون والمراكز الطبية، وتنظيم أنشطة لبناء قدرات مختلف الفاعلين، والتواصل مع المنظمات غير الحكومية غير المعترف بها، بالإضافة إلى القيام في بعض الأحيان بالتحقيق في القضايا التي تثيرها المنظمات غير الحكومية غير المعترف بها، خاصة تلك التي تجذب الانتباه على الإنترنت أو التي تثيرها وسائل الإعلام الدولية.
المثير أن التقرير، وإن كان يعترف باستقلالية المجلس عن الحكومة بشكل صريح، يستمر دائما في وضع المجلس ضمن خانة الآليات "الحكومية" لحقوق الإنسان، إلى جانب كل من مؤسسة الوسيط والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وفي هذا الأمر التباس بين، يجب ألا يحتاج إلى جهد كبير لتصحيحه، لضمان مزيد من الانسجام في تقرير الخارجية الأمريكية في ما يخص المجلس وطبيعة عمله واشتغاله...في انتظار أن تقتنع وسائل الإعلام الدولية، خاصة الأمريكية منها، كذلك، باختصاصات وطبيعة عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ما قد يتأتى ربما إذا أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على قبول توصيات الاستعراض الدوري الشامل وقررت إحداث مؤسسة وطنية تعنى بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها بأراضيها.
شاركه على جوجل بلس

عن Unknown

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق